فصل: تفسير الآية رقم (8)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير ابن عبد السلام ***


تفسير الآية رقم ‏[‏69‏]‏

‏{‏وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ‏(‏69‏)‏‏}‏

‏{‏تَلْقَفْ‏}‏ تبتلع بسرعة فابتلعت حمل ثلاثمائة بعير من الحبال والعصي ثم أخذها موسى فرجعت كما كانت وكانت من عوسج، أو من آس الجنة «ع» وبها قتل موسى عليه الصلاة والسلام عوج بن عناق‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏70‏]‏

‏{‏فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى ‏(‏70‏)‏‏}‏

‏{‏سُجَّداً‏}‏ طاعة لله تعالى وتصديقاً بموسى فما رفعوا رؤوسهم حتى رأوا الجنة والنار وثواب أهلهما، فلذلك ‏{‏قَالُواْ لَن نُّؤْثِرَكَ‏}‏، وسألت امرأة فرعون عن الغالب فقيل‏:‏ موسى وهارون، فقالت‏:‏ آمنت برب موسى وهارون، فأمر فرعون بأن يُلقى عليها أعظم صخرة توجد إن أقامت على قولها فلما أتوها رفعت رأسها إلى السماء فرأت منزلها في الجنة، فمضت على قولها فانتزعت روحها فأُلقيت الصخرة على جسد لا روح فيه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏72‏]‏

‏{‏قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ‏(‏72‏)‏‏}‏

‏{‏وَالَّذِى فَطَرَنَا‏}‏ قسم، أو معطوف ‏{‏فَاقْضِ‏}‏ فاصنع ما أنت صانع أو احكم ما أنت حاكم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏73‏]‏

‏{‏إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ‏(‏73‏)‏‏}‏

‏{‏وَاللَّهُ خَيْرٌ‏}‏ منك ‏{‏وَأَبْقَى‏}‏ ثواباً إن أُطيع وعقاباً إن عُصي، أو ‏{‏خَيْرٌ‏}‏ ثواباً منك إن أطيع و‏[‏‏{‏وَأَبْقَى‏}‏‏]‏ عقاباً إن عُصى‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏77‏]‏

‏{‏وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى ‏(‏77‏)‏‏}‏

‏{‏لا تَخَافُ دَرَكاً‏}‏ من فرعون ‏{‏وَلا تَخْشَى‏}‏ غرقاً من البحر‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏81‏]‏

‏{‏كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى ‏(‏81‏)‏‏}‏

‏{‏وَلا تَطْغَوْا فِيهِ‏}‏ لا تكفروا به، ولا تستعينوا برزقي على معصيتي أو لا تدخروا منه لأكثر من يوم وليلة فادخروه فدوُّد ولولا ذلك لما دوَّد طعام أبداً «ع» ‏{‏فَيَحِلَّ‏}‏ بالضم ينزل وبالكسر يجب‏.‏ ‏{‏هَوَى‏}‏ في النار، أو هلك في الدنيا‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏82‏]‏

‏{‏وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ‏(‏82‏)‏‏}‏

‏{‏لِّمَن تَابَ‏}‏ من الشرك ‏{‏وَءَامَنَ‏}‏ بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ‏{‏ثُمَّ اهْتَدَى‏}‏ لم يَشُك في إيمانه «ع» أو لزم الإيمان حتى يموت، أو أخذ بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم أو أصاب العمل، أو عرف جزاء عمله من ثواب، أو عقاب، أو اهتدى في ولائه أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏86‏]‏

‏{‏فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي ‏(‏86‏)‏‏}‏

‏{‏أَسِفاً‏}‏ شديد الغضب، أو الحزين، أو الجزع، أو المتندم، أو المتحسر ‏{‏وَعْداً حَسَناً‏}‏ النصر والظفر، أو قوله تعالى ‏{‏وَإِنِّى لَغَفَّارٌ‏}‏ الآية أو ثواب الآخرة، أو التوراة يعملون بما فيها فيستحقون ثوابه ‏{‏مَّوْعِدِى‏}‏ «وعدهم أن يقيموا على أمره فاختلفوا، أو بالميسر» على أثره للميقات فتوقفوا‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏87‏]‏

‏{‏قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ ‏(‏87‏)‏‏}‏

‏{‏بِمَلْكِنَا‏}‏ بطاقتنا، أو بملك أنفسنا عند البلية التي وقعت بنا، أو لم يملك المؤمنون منع السفهاء من ذلك، وعدهم أربعين ليلة فعدوا عشرين يوماً وظنوا أنهم أكملوا الميعاد بالليالي وأوهمهم السامري ذلك‏.‏ ‏{‏أَوْزَاراً‏}‏ أثقالاً من زينة ‏{‏الْقَوْمِ‏}‏ قوم فرعون لأن موسى أمرهم أن يستعيروا حليهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏88‏]‏

‏{‏فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ ‏(‏88‏)‏‏}‏

‏{‏فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً‏}‏ لما استبطؤوا موسى قال السامري‏:‏ إنما احتبس عنكم من أجل ما عندكم من الحلي، فجمعوه ودفعوه للسامري فصاغ منه عِجلاً، وألقى عليه قبضة من أثر فرس جبريل عليه السلام، وهو الحياة فصار له خوار ‏{‏خُوَارٌ‏}‏ لما ألقى قبضة أثر الرسول حَيَ العجل وخار «ح» أو لم يصر فيه حياة ولكن جعل فيه خروقاً إذا دخلتها ‏[‏الريح‏]‏ سمع لها صوت كالخوار ‏{‏فَنَسِى‏}‏ السامري إسلامه وإيمانه، أو قال السامري قد نَسِي موسى إلاهه عندكم، أو نَسِي السامري أن قومه لا يصدقونه في عبادة عجل لا يضر ولا ينفع، أو نَسِي موسى أن قومه عبدوا العجل بعده‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏89‏]‏

‏{‏أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا ‏(‏89‏)‏‏}‏

‏{‏أَفَلا يَرَوْنَ‏}‏ أفلا يرى بنو إسرائيل أن العجل لا يرد إليهم جواباً، قيل‏:‏ لما مضى من الموعد خمس وثلاثون أمر السامري بجمع الحلي وصاغه عجلاً في السادس والثلاثين والسابع والثامن ودعاهم إلى عبادته في التاسع فأجابوه وجاء موسى بعد كمال الأربعين‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏92‏]‏

‏{‏قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا ‏(‏92‏)‏‏}‏

‏{‏ضَلُّواْ‏}‏ بعبادة العجل‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏93‏]‏

‏{‏أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي ‏(‏93‏)‏‏}‏

‏{‏تتبعني‏}‏ في الخروج من بينهم، أو في منعهم والإنكار عليهم ‏{‏أَمْرِى‏}‏ قول ‏{‏اخلفنى فِي قَوْمِى‏}‏ الآية ‏[‏142من الأعراف‏]‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏94‏]‏

‏{‏قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ‏(‏94‏)‏‏}‏

‏{‏يَبْنَؤُمَّ‏}‏ كان أخاه لأبويه، أو لأبيه دون أُمه، وقاله استرقاقاً واستعطافاً‏.‏ ‏{‏بِلِحْيَتِى‏}‏ أخذ شعره بيمينه ولحيته بيساره «ع»، أو بلحيته وأذنه، فعبّر عن الأذن بالرأس، فعل ذلك لِيُسر إليه نزول الألواح عليه في تلك المناجاة إرادة إخفائها على بني إسرائيل قبل التوبة، أو وقع عنده أن هارون ما يلهم في أمر العجل، قلت‏:‏ وهذا فجور من قائله لأن ذلك لا يجوز على الأنبياء، أو فعل ذلك لتركه الإنكار على بني إسرائيل ومقامه بينهم وهو الأشبه‏.‏ ‏{‏فَرَّقْتَ‏}‏ بينهم بما وقع من اختلاف معتقدهم، أو بقتال من عبد العجل منهم، قيل‏:‏ عبدوه كلهم إلا اثني عشر ألفاً بقوا مع هارون لم يعبدوه ‏{‏وَلَمْ تَرْقُبْ‏}‏ لم تعمل بوصيتي، أو لم تنتظر عهدي‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏95‏]‏

‏{‏قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ ‏(‏95‏)‏‏}‏

‏{‏فَمَا خَطْبُكَ‏}‏ الخطب ما يحدث من الأمور الجليلة التي يخاطب عليها، وكان السامري كرمانياً تبع موسى، «أو من عظماء بني إسرائيل» اسمه موسى بن ظفر من قبيلة يقال لها سامرة، أو قرية يقال لها‏:‏ سامرة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏96‏]‏

‏{‏قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي ‏(‏96‏)‏‏}‏

‏{‏بَصُرْتُ‏}‏ نظرت، أو فطنت، بصرت وأبصرت واحد، أو أبصرت نظرت، وبصرت فطنت والقبضة بجميع الكف وبغير إعجام بأطراف الأصابع ‏{‏الرَّسُولِ‏}‏ جبريل عليه السلام عرفه لأنه رآه يوم فلق البحر حين قبض القبضة من أثره، أو عرفه لأنه كان يغذوه صغيراً لما ألقته أمه خوفاً أن يقتله فرعون لما كان يقتل بني إسرائيل فعرفه في كبره فأخذ التراب من تحت حافر فرسه ‏{‏فَنَبَذْتُهَا‏}‏ ألقاها فيما سكه من الحلي فخار بعد صياغته، أو ألقاها في جوفه بعد صياغته فظهر خواره، أو الرسول موسى وأثره شريعته، قبض قبضة من شريعته نبذها وراء ظهره ثم اتخذ العجل إِلهاً، ونبذُها ترك العمل بها‏.‏ ‏{‏سَوَّلَتْ‏}‏ حدثت، أو زينت‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏97‏]‏

‏{‏قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا ‏(‏97‏)‏‏}‏

‏{‏فَاذْهَبْ‏}‏ وعيد من موسى، فخاف فهرب يهيم في البرية مع الوحش لا يجد أحداً من الناس يمسه، فصار كالقائل لا مساس لبعده عن الناس وبعدهم عنه أو حرمه موسى بهذا القول، فكان بنو إسرائيل لا يخالطونه ولا يؤاكلونه فكان لا يَمس ولا يُمس‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏98‏]‏

‏{‏إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ‏(‏98‏)‏‏}‏

‏{‏وَسِعَ‏}‏ أحاط علمه بكل شيء فلم يخرج عن علمه شيء، أو لم يخل شيء من علمه به‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏102‏]‏

‏{‏يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا ‏(‏102‏)‏‏}‏

‏{‏زُرْقاً‏}‏ عمياً، أو عطاشاً، ازرقت أعينهم من العطش أو شوه خلقهم بزرقة الأعين وسواد الوجوه، أو الطمع الكاذب إذا تعقبته الخيبة وهو نوع من العذاب، أو شخوص البصر من شدة الخوف، «أو الزرق الأعداء يعادي بعضهم بعضاً من قولهم‏:‏ عدو أزرق»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏103‏]‏

‏{‏يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا ‏(‏103‏)‏‏}‏

‏{‏يَتَخَافَتُونَ‏}‏ يتسارون ‏{‏إِن لَّبِثْتُمْ‏}‏ في الدنيا، أو القبور ‏{‏إِلا عَشْراً‏}‏ على التقريب دون التحديد‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏104‏]‏

‏{‏نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا ‏(‏104‏)‏‏}‏

‏{‏أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً‏}‏ أكثرهم سداداً، أو أوفرهم عقلاً ‏{‏إِن لَّبِثْتُمْ‏}‏ في الدنيا، أو القبور ‏{‏إِلا يَوْماً‏}‏ لأنه كان عنده أقصر زماناً وأقل لبثاً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏105‏]‏

‏{‏وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا ‏(‏105‏)‏‏}‏

‏{‏يَنسِفُهَا‏}‏ يجعلها كالرمل تنسفه الرياح، أو تصير كالهباء‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏106‏]‏

‏{‏فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا ‏(‏106‏)‏‏}‏

‏{‏قَاعاً‏}‏ موضعاً مستوياً لا نبات فيه، أو أرضاً ملساء، أو مستنقع الماء قاله الفراء‏.‏ ‏{‏صَفْصَفاً‏}‏ موضعاً لا نبات فيه ولا مستوياً كأنه على وصف واحد في استوائه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏107‏]‏

‏{‏لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا ‏(‏107‏)‏‏}‏

‏{‏عِوَجاً‏}‏ وادياً ‏{‏أَمْتاً‏}‏ رابية «ع»، أو عوجاً‏:‏ صدعاً، أمتاً‏:‏ أكمة، أو عوجاً‏:‏ ميلاً، أمتاً‏:‏ أثراً، أو الأمت الحدب والانثناء، أو الصعود والارتفاع من الأمت في العصا والحبل وهو أن يغلظ في مكان منه ويدق في مكان‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏108‏]‏

‏{‏يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا ‏(‏108‏)‏‏}‏

‏{‏وَخَشَعَتِ‏}‏ خضعت بالسكون ‏{‏هَمْساً‏}‏ صوتاً خفياً، أو تحريك الشفة واللسان، أو نقل الأقدام‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏111‏]‏

‏{‏وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا ‏(‏111‏)‏‏}‏

‏{‏وَعَنَتِ‏}‏ ذلت، أو خشعت، الذليل أن يكون ذليل النفس والخشوع أن يتذلل لذي طاعة أو عملت أو استسلمت، أو وضع الجبهة والأنف على الأرض في السجود ‏{‏الْقَيُّومِ‏}‏ القائم على كل نفس بما كسبت، أو بتدبير الخلق، أو الدائم الذي لا يزول ولا يبيد ‏{‏حَمَلَ ظُلْماً‏}‏ شركاً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏112‏]‏

‏{‏وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا ‏(‏112‏)‏‏}‏

‏{‏فَلا يَخَافُ ظُلْماً‏}‏ بالزيادة في سيئاته ‏{‏وَلا هَضْماً‏}‏ بالنقصان من حسناته «ع»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏113‏]‏

‏{‏وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا ‏(‏113‏)‏‏}‏

‏{‏لَهُمْ ذِكْراً‏}‏ جداً، أو شرفاً لإيمانهم به أو ذكراً يعتبرون به‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏114‏]‏

‏{‏فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ‏(‏114‏)‏‏}‏

‏{‏وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرءَانِ‏}‏ لا تسأل إنزاله قبل أن يأتيك وحيه، أو لا تلقه إلى الناس قبل أن يأتيك بيان تأويله، أو لا تعجل بتلاوته قبل فراغ جبريل من إبلاغه خوف نسيانه ‏{‏زِدْنِى عِلْماً‏}‏ علماً‏:‏ قرآناً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏115‏]‏

‏{‏وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ‏(‏115‏)‏‏}‏

‏{‏فَنَسِىَ‏}‏ ترك أَوْ سَهَا ‏{‏عَزْماً‏}‏ صبراً، أو حفظاً، أو ثباتاً قال أبو أمامة لو وزنت أحلام بني آدم لرجح حلمه على حلمهم وقد قال الله تعالى ‏{‏وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً‏}‏ أو عزماً في العود إلى الذنب ثانياً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏117‏]‏

‏{‏فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى ‏(‏117‏)‏‏}‏

‏{‏فَتَشْقَى‏}‏ «بأن تأكل من كد يدك وما تكسبه بنفسك وتصنعه بيدك» أراد فيشقيا لاستوائهما في العلة، وخصه بالذكر لأنه المخاطب دونها، أو لأنه الكاد عليها الكاسب لها‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏123‏]‏

‏{‏قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ‏(‏123‏)‏‏}‏

‏{‏فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاىَ‏}‏ ضمن الله تعالى لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه ألا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة «ع»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏129‏]‏

‏{‏وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى ‏(‏129‏)‏‏}‏

‏{‏وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ‏}‏ بجعل الجزاء يوم القيامة، أو بتأخيرهم إلى يوم بدر ‏{‏لِزَاماً‏}‏ عذاباً لازماً، أو فصلاً ‏{‏وَأَجَلٌ مُّسَمّىً‏}‏ يوم بدر، أو يوم القيامة‏.‏ تقديره «ولولا كلمة وأجل لكان لِزاماً»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏130‏]‏

‏{‏فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى ‏(‏130‏)‏‏}‏

‏{‏مَا يَقُولُونَ‏}‏ من الأذى والافتراء ‏{‏قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ‏}‏ صلاة الفجر ‏{‏وَقَبْلَ غُرُوبِهَا‏}‏ صلاة العصر ‏{‏ءَانَآىءِ الَّيْلِ‏}‏ ساعاته واحدها إني صلاة الليل كله، أو المغرب والعشاء ‏{‏وَأَطْرَافَ النَّهَارِ‏}‏ صلاة الظهر لأنها آخر النصف الأول وأول النصف الثاني، أو صلاة التطوع ‏{‏تَرْضَى‏}‏ تُعطى و«تُرضى» بالكرامة، أو الشفاعة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏131‏]‏

‏{‏وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ‏(‏131‏)‏‏}‏

‏{‏تَمُدَّنَّ‏}‏ لا تأسفن، أو لا تنظرن‏.‏ ‏{‏أَزْوَاجاً‏}‏ أشكالاً من المزاوجة ‏{‏زَهْرَةَ الْحَيَاةِ‏}‏ زينتها ‏{‏لِنَفْتِنَهُمْ‏}‏ لنعذبهم ‏{‏وَرِزْقُ رَبِّكَ‏}‏ القناعة بما تملكه والزهد فيما لا تملكه، أو ثواب الآخرة ‏{‏خَيْرٌ وَأَبْقَى‏}‏ مما مُتِّعوا به، نزلت لما أبى اليهودي أن يُسلف الرسول صلى الله عليه وسلم الطعام إلا برهن فشق ذلك على الرسول صلى الله عليه وسلم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏132‏]‏

‏{‏وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ‏(‏132‏)‏‏}‏

‏{‏أَهْلَكَ‏}‏ نسباؤك، أو من أطاعك لتنزلهم منزلة الأهل في الطاعة ‏{‏وَالْعَاقِبةُ‏}‏ حسن العاقبة لذوي التقوى‏.‏

‏[‏سورة الأنبياء‏]‏

تفسير الآية رقم ‏[‏1‏]‏

‏{‏اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ‏(‏1‏)‏‏}‏

‏{‏حِسَابُهُمْ‏}‏ عذاب بدر، أو حساب القيامة لأن كل آتٍ قريب، أو لقلة ما بقي من الزمان وكثرة ما مضى‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏2‏]‏

‏{‏مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ‏(‏2‏)‏‏}‏

‏{‏مُّحْدَثٍ‏}‏ تنزله سورة بعد سورة وآية بعد آية‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏3‏]‏

‏{‏لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ‏(‏3‏)‏‏}‏

‏{‏لاهِيَةً‏}‏ غافلة باللهو عن الذكر أو مشتغلة بالباطل عن الحق ‏{‏وَأَسَرُّواْ‏}‏ أخفوا، أو أظهروا‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏5‏]‏

‏{‏بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآَيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ ‏(‏5‏)‏‏}‏

‏{‏أَضْغَاثُ‏}‏ أهاويل أحلام، أو تخاليط، أو ما لا تأويل له ‏{‏أَحْلامٍ‏}‏ ما لا تأويل له ولا تفسير، أو الرؤيا الكاذبة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏7‏]‏

‏{‏وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ‏(‏7‏)‏‏}‏

‏{‏أَهْلَ الذِّكْرِ‏}‏ التوراة والإنجيل، أو مؤمنو أهل الكتاب، أو المسلمون‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏8‏]‏

‏{‏وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ ‏(‏8‏)‏‏}‏

‏{‏وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ‏}‏ ولا يموتون فنجعلك كذلك ردٌ لقولهم ‏{‏هَلْ هاذآ إِلاَّ بَشَرٌ‏}‏ الآية ‏[‏الأنبياء‏:‏ 3‏]‏ أو ما جعلناهم جسداً إلا ليأكلوا للطعام فلذلك خلقناك جسداً مثلهم، جسداً‏:‏ هو المُجَسدُ الذي فيه روح ويأكل ويشرب، أو ما لا يأكل ولا يشرب‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏10‏]‏

‏{‏لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ‏(‏10‏)‏‏}‏

‏{‏ذِكْرُكُمْ‏}‏ شرفكم إن عملتم به، أو حديثكم، أو ما تحتاجون إليه من أمر دينكم، أو مكارم أخلاقكم ومحاسن أعمالكم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏12‏]‏

‏{‏فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ ‏(‏12‏)‏‏}‏

‏{‏أَحَسَّواْ‏}‏ عاينوا عذابنا ‏{‏مِّنْهَا‏}‏ من القرية، أو العذاب ‏{‏يَرْكُضُونَ‏}‏ يسرعون‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏13‏]‏

‏{‏لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ‏(‏13‏)‏‏}‏

‏{‏وَارْجِعُواْ‏}‏ استهزاء بهم وتوبيخ ‏{‏أُتْرِفْتُمْ‏}‏ نعمتم ‏{‏تُسْئَلُونَ‏}‏ شيئاً من دنياكم استهزاء بهم، أو عما عملتم، أو تفيقون بالمسئلة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏15‏]‏

‏{‏فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ ‏(‏15‏)‏‏}‏

‏{‏حَصِيداً‏}‏ قطعاً بالاستئصال كحصاد الزرع ‏{‏خَامِدِينَ‏}‏ بالعذاب، أو بالسيف لما قتلهم بختنصر، والخمود‏:‏ الهمود تشبيهاً لخمود الحياة بخمود النار إذا طُفِئت كما يقال لمن مات طُفىء تشبيهاً بانطفاء النار‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏17‏]‏

‏{‏لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ ‏(‏17‏)‏‏}‏

‏{‏لَهْواً‏}‏ ولداً ‏[‏ردٌ‏]‏ لقولهم في عيسى، أو المرأة بلغة أهل اليمن ‏[‏ردٌ‏]‏ لقولهم في مريم، أو داعي الهوى ونازع الشهوة ‏{‏مِن لَّدُنَّآ‏}‏ لاتخذنا نساءً وولداً من أهل السماء لا من أهل الأرض ‏{‏إِن كُنَّا‏}‏ نفي، أو شرط تقديره لاتخذناه عندنا بحيث لا يصل علمه إليكم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏18‏]‏

‏{‏بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ‏(‏18‏)‏‏}‏

‏{‏بِالْحَقِ‏}‏ المتبوع على الباطل المدفوع، أو بالقرآن، والباطل إبليس ‏{‏زَاهِقٌ‏}‏ ذاهب، أو هالك‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏19‏]‏

‏{‏وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ ‏(‏19‏)‏‏}‏

‏{‏يَسْتَحْسِرُونَ‏}‏ يملون، أو يعيون، أو يستنكفون، أو ينقطعون والبعير المنقطع بالإعياء حسيرٌ‏.‏

بها جيف الحسرى‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏21‏]‏

‏{‏أَمِ اتَّخَذُوا آَلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ ‏(‏21‏)‏‏}‏

‏{‏مِّنَ الأَرْضِ‏}‏ مما خلق في الأرض ‏{‏يُنشِرُونَ‏}‏ يخلقون، أو يحيون الموتى من النشر بعد الطي‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏22‏]‏

‏{‏لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ‏(‏22‏)‏‏}‏

‏{‏إِلا اللَّهُ‏}‏ سوى الله، أو «إلا» بمعنى الواو ‏{‏لَفَسَدَتَا‏}‏ هلكتا بالفساد‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏23‏]‏

‏{‏لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ‏(‏23‏)‏‏}‏

‏{‏لا يُسْئَلُ‏}‏ عن قضائه وهو يَسأل الخلق عن أعمالهم أو لا يُحاسب على أفعاله وهم يُحاسبون، أو لا يُسأل عن أفعاله لانها صواب ولا يريد بها الثواب ‏{‏وَهُمْ يُسْئَلُونَ‏}‏ لأن في أعمالهم غيرَ الصواب وقد لا يَريدون بها الثواب، وإن كانت صواباً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏24‏]‏

‏{‏أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ ‏(‏24‏)‏‏}‏

‏{‏ذِكْرُ مَن مَّعِىَ‏}‏ يما يلزمهم من حلال وحرام ‏{‏وَذِكْرُ مَن قَبْلِى‏}‏ ممن نجا بالإيمان وهلك بالشرك، أو ذِكرُ من معي بإخلاص التوحيد في القرآن وذِكرُ من قبلي في التوراة والإنجيل‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏28‏]‏

‏{‏يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ‏(‏28‏)‏‏}‏

‏{‏مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ‏}‏ من أمر الآخرة ‏{‏وَمَا خَلْفَهُمْ‏}‏ من الدنيا، أو ما قدموا وأخروا من أعمالهم، أو ما عملوا وما لم يعملوا ‏{‏وَلا يَشْفَعُونَ‏}‏ في الدنيا أو الآخرة في القيامة ‏{‏ارْتَضَى‏}‏ عمله، أو رضي عنه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏30‏]‏

‏{‏أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ‏(‏30‏)‏‏}‏

‏{‏رَتْقاً‏}‏ ملتصقتين ففتق الله تعالى عنهما بالهواء «ع» أو كانت السموات مرتتقة مُطبقة ففتقها سبعاً وكذلك الأرض، أو السماءَ رتقاً لا تُمطر ففتقها بالمطر، والأرض لا تنبت ففقتها بالنبات، الرَتقُ‏:‏ السد، والفتقُ‏:‏ الشق‏.‏ ‏{‏كُلَّ شَىْءٍ‏}‏ خلق كل شيء من الماء، أو حفظ حياة كل حي بالماء، أو أراد ماء الصلب‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏31‏]‏

‏{‏وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ‏(‏31‏)‏‏}‏

‏{‏رَوَاسِىَ‏}‏ لأنها رست في الأرض وثبتت أو لأن الأرض رست بها فالرواسي الثوابت، أو الثقال ‏{‏تَمِيدَ‏}‏ تزول، أو تضطرب ‏{‏فِجَاجاً‏}‏ أعلاماً يُهتدي بها، أو جمع فج وهو الطريق الواسع بين الجبلين ‏{‏سُبُلاً‏}‏ للاعتبار، أو مسالك للسابلة ‏{‏يَهْتَدُونَ‏}‏ بالاعتبار بها إلى دينهم، أو ليهتدوا طُرق بلادهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏32‏]‏

‏{‏وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ ‏(‏32‏)‏‏}‏

‏{‏مَّحْفُوظاً‏}‏ أن يقع على الأرض، أو مرفوعاً، أو من الشياطين‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏33‏]‏

‏{‏وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ‏(‏33‏)‏‏}‏

‏{‏فَلَكٍ‏}‏ الفلك السماء، أو القطب المستدير الدائر بما فيه من القمرين والنجوم ومنه فَلكة المغزل لاستدارتها ودورانها‏.‏ واستدارة الفلك كدور الكرة، أو كدور الرحى والفلك السماء تدور بالقمرين والنجوم، أو استدارة في السماء تدور بالنجوم مع ثبوت السماء، أو استدارة بين السماء والأرض تدور فيها النجوم‏.‏ ‏{‏يَسْبَحُونَ‏}‏ يجرون، أو يدورون «ع»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏35‏]‏

‏{‏كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ‏(‏35‏)‏‏}‏

‏{‏بِالشَّرِّ‏}‏ الشدة والرخاء، أو بالفقر والمرض ‏{‏وَالْخَيْرِ‏}‏ الغنى والصحة أو الشر‏:‏ غلبة الهوى، والخير‏:‏ العصمة من المعاصي، أو ما تحبون وما تكرهون لنعلم شكركم عى ما تحبون وصبركم على ما تكرهون ‏{‏فِتْنَةً‏}‏ ابتلاء واختباراً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏37‏]‏

‏{‏خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آَيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ ‏(‏37‏)‏‏}‏

‏{‏الإِنسَانُ‏}‏ آدم خلق بعجل يوم الجمعة آخر الأيام الستة قبل غروب الشمس أو لما نفخ الروح في عينيه ولسانه بعد إكمال صورته سأل ربه أن يعجل تمام خلقه وإجراء الروح في جسده قبل الغروب، أو العجل الطين‏.‏ قال‏:‏

والنبع في الصخرة الصماء منبتهُ *** والنخل ينبت بين الماء والعجل

أو الإِنسان الناس كلهم فخلق الإنسان عجولاً، أو خلق على حب العجلة، أو خلقت العجلة فيه، والعجلة تقديم الشيء قبل وقته، والسرعة تقديمه في أول أوقاته‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏42‏]‏

‏{‏قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ ‏(‏42‏)‏‏}‏

‏{‏يَكْلَؤُكُم‏}‏ يحفظكم استفهام نفي‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏43‏]‏

‏{‏أَمْ لَهُمْ آَلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ ‏(‏43‏)‏‏}‏

‏{‏يُصْحَبُونَ‏}‏ يُجارون، إن لك من فلان صاحباً أي مجيراً، أو يُحفظون، أو ينصرون أو لا يُصحبون من الله بخير‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏44‏]‏

‏{‏بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاءِ وَآَبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ ‏(‏44‏)‏‏}‏

‏{‏نَنقُصُهَا‏}‏ بالظهور عليها وفتحها بلداً بعد بلد «ح» أو بنقصان أهلها وقلة بركتها، أو بالقتل والسبي أو بموت فقهائها وعلمائها‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏48‏]‏

‏{‏وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ ‏(‏48‏)‏‏}‏

‏{‏الْفُرْقَانَ‏}‏ التوراة الفارقة بين الحق والباطل، أو البرهان الفارق بين حق موسى وباطل فرعون، أو النصر والنجاة الفارقان بين موسى وفرعون‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏51‏]‏

‏{‏وَلَقَدْ آَتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ ‏(‏51‏)‏‏}‏

‏{‏رُشْدَهُ‏}‏ النبوة، أو هدايته في الصغر ‏{‏مِن قَبْلُ‏}‏ إرساله نبياً، أو من قبل‏:‏ موسى وهارون ‏{‏عَالِمِينَ‏}‏ بأهليته للرشد، أو للنبوة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏58‏]‏

‏{‏فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ ‏(‏58‏)‏‏}‏

‏{‏جُذَاذاً‏}‏ حُطاماً «ع»، جِذاذاً‏:‏ قِطعاً مقطوعة، قال الضحاك‏:‏ هو أن يأخذ من كل عضوين عضواً ويدع عضواْ‏.‏ من الجذ وهو القطع‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏61‏]‏

‏{‏قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ‏(‏61‏)‏‏}‏

‏{‏أَعْيُنِ النَّاسِ‏}‏ بمرأى منهم ‏{‏يَشْهَدونَ‏}‏ عقابه «ع» أو يشهدون عليه بما فعل كرهوا عقابه بغير بينة «ح» أو بما يقول من حجة وما يقال له من جواب‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏63‏]‏

‏{‏قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ ‏(‏63‏)‏‏}‏

‏{‏فَسْئَلُوهُمْ‏}‏ جعل سؤالهم مشروطاً بنطقهم، أو أخرجه مخرج الخبر يريد من اعتقدها آلهة لزمه السؤال فلعلها تجيبه إن كانت ناطقة، وقوله ‏{‏يَنطِقُونَ‏}‏ أي يخبرون‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏64‏]‏

‏{‏فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ ‏(‏64‏)‏‏}‏

‏{‏إِلَى أَنفُسِهِمْ‏}‏ رجع بعضهم إلى بعض، أو رجع كل واحد إلى نفسه مفكراً فيما قاله إبراهيم‏.‏ ‏{‏أَنتُمُ الظَّالِمُونَ‏}‏ بسؤاله لأنها لو كانت آلهة لم يصل إليها، حادوا عما أرادوه من الجواب وأنطقهم الله بالحق‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏65‏]‏

‏{‏ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ ‏(‏65‏)‏‏}‏

‏{‏نُكِسُواْ‏}‏ رجعوا إلى الشرك بعد اعترافهم بالحق، أو رجعوا احتجاجهم على إبراهيم بقولهم ‏{‏لَقَدْ عَلِمْتَ‏}‏ «الآية» أو خفضوا رؤوسهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏68‏]‏

‏{‏قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آَلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ‏(‏68‏)‏‏}‏

‏{‏قَالُواْ حَرِّقُوهُ‏}‏ أشار عليهم بذلك رجل من أكراد فارس، أو هيزون فخسفت به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة، ولما أوثق ليلقى فيها قال‏:‏ لا إله إلا أنت سبحانك رب العالمين، لك الحمد ولك الملك ولا شريك لك، فلما أُلقي فيها قال‏:‏ «حسبي الله ونعم الوكيل» فلم يحرق منه إلا وثاقه، وكان ابن ست وعشرين سنة «ولم يبق يومئذ في الأرض دابة إلا كانت تطفىء النار عنه إلا الوزغ كان ينفخها فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقتله»، قال الكلبي‏:‏ بنوا له أتوناً ألقوه فيه وأوقدوا عليه النار سبعة أيام ثم أطبقوه عليه وفتحوه من الغد فإذا هو عرق أبيض لم يحترق، وبردت نار الأرض فما أنضجت يومئذ كراعاً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏71‏]‏

‏{‏وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ‏(‏71‏)‏‏}‏

‏{‏وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً‏}‏ كان ابن أخي إبراهيم فآمن به فنجا معه ‏{‏إِلَى الأَرْضِ‏}‏ مكة، أو أرض القدس، أو الشام ‏{‏بَارَكْنَا‏}‏ ببعث أكثر الأنبياء منها أو بكثرة خصبها ونمو نباتها، أو بعذوبة مائها وتفرقه في الأرض منها فتهبط المياه العذبة من السماء إلى صخرة بيت المقدس ثم تتفرق في الأرض‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏72‏]‏

‏{‏وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ ‏(‏72‏)‏‏}‏

‏{‏نَافِلَةً‏}‏ غنيمة، أو النافلة ابن الأبن، أو زيادة العطاء فالنافلة يعقوب لأنه دعا بالولد فزاده الله تعالى ولد الولد «ع» أو النافلة إسحاق ويعقوب لأنهما زيادة على ما تقدم من الإنعام عليه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏74‏]‏

‏{‏وَلُوطًا آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ ‏(‏74‏)‏‏}‏

‏{‏وَلُوطاً ءَاتَيْنَاهُ حُكْماً‏}‏ نبوة أو قضاء بين الناس «ع» ‏{‏وَعِلْماً‏}‏ فقهاً ‏{‏الْخَبَآئِثَ‏}‏ اللواط، أو الضراط والقرية‏:‏ سدوم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏76‏]‏

‏{‏وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ‏(‏76‏)‏‏}‏

‏{‏نَادَى‏}‏ دعانا على قومه من قبل إبراهيم ‏{‏الْكَرْبِ الْعَظِيمِ‏}‏ الغرق بالطوفان‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏78 - 79‏]‏

‏{‏وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ ‏(‏78‏)‏ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آَتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ ‏(‏79‏)‏‏}‏

‏{‏الْحَرْثِ‏}‏ زرع، أو كرم نبتت عناقيده ‏{‏نَفَشَتْ‏}‏ النفش رعي الليل والهمل رعي النهار، قال بعض المتكلمين كان حكمهما صواباً متفقاً إذ لا يجوز الخطأ على الأنبياء فقوله‏:‏ ‏{‏فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ‏}‏ لأنه أوتي الحكم في صغره وأوتيه داود في كبره، وهذا شاذ، أو أخطأ داود وأصاب سليمان على قول الجمهور فحكم داود لصاحب الحرث الغنم، وحكم سليمان بأن تدفع الغنم إلى صاحب الحرث لينتفع بدرها ونسلها ويدفع الحرث إلى صاحب الغنم ليعمره فإذا عاد في القابل رُدت الغنم إلى صاحبها والحرث إلى مالكه فرجع داود إلى حكمه، ويجوز أن يكون ذلك اجتهاداً من سليمان ويكون داود فُتْيا عبّر عنها بالحكم لئلا تكون نقضاً للأجتهاد بالاجتهاد، ويجوز أن يكون حكم سليمان عن وحي فيجب على داود نقض الحكم عملاً بالنص، قلت‏:‏ ويمكن أن يجوز في شرعهم نقض الاجتهاد بالاجتهاد والخطأ جائز على جميع الأنبياء، أو يُستثنى منهم محمد صلى الله عليه وسلم إذ لا نبي بعده يستدرك غلطه، وهذا مبني على جواز اجتهاد الأنبياء، وشرعنا موافق لشرعهما في ضمان ما أتلفته البهائم ليلاً وإن اختلف الشرعان في صفة الضمان وكيفيته ‏{‏وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ‏}‏ ذللنا، أو ألهمنا ‏{‏يُسَبِّحْنَ‏}‏ يسرن من السبح، أو يصلين، أو يسبحن تسبيحاً كان مسموعاً كان يفهمه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏80‏]‏

‏{‏وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ ‏(‏80‏)‏‏}‏

‏{‏لَبُوسٍ‏}‏ الدروع، أو جمع السلاح لبوس عند العرب ‏{‏بَأَسِكُمْ‏}‏ سلاحكم، أو حرب أعدائكم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏81‏]‏

‏{‏وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ ‏(‏81‏)‏‏}‏

‏{‏عَاصِفَةً‏}‏ العصوف شدة حركتها، والتِّبْن عصف لأنها تعصفه بشدة تطييرها له ‏{‏الأَرْضِ‏}‏ الشام بورك فيها بمن بُعث فيها من الأنبياء، أو بأن مياه أنهار الأرض تجري منها، أو بما أودعها من الخيرات فما نقص من الأرض زيد في الشام وما نقص من الشام زيد في فلسطين‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏83‏]‏

‏{‏وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ‏(‏83‏)‏‏}‏

‏{‏وَأَيُّوبَ‏}‏ كان ذا مال وولده فهلك ماله، ومات أولاده، ثم بُلي في بدنه فقرح وسعى فيه الدود واشتد بلاؤه فطرح على مزبلة بني إسرائيل ولم يبقَ أحدٌ يدنو منه إلا امرأته‏.‏ ‏{‏الضُّرُّ‏}‏ المرض، أو البلاء الذي بجسده حتى كانت الدود تسقط منه فيردها ويقول كُلي مما رزقك الله، أو الشيطان لقوله ‏{‏مَسَّنِىَ الشيطان بِنُصْبٍ‏}‏ ‏[‏ص‏:‏ 41‏]‏، أو وثب ليصلي فلم يقدر فقال‏:‏ ‏{‏مَسَّنِىَ الضُّرُّ‏}‏ إخباراً عن حاله لا شكوى لبلائه، أو انقطع عنه الوحي أربعين يوماً فخاف هجران ربه فقال‏:‏ ‏{‏مَسَّنِىَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ‏}‏ تقديره أيمسني الضر وأنت أرحم الراحمين، أو أنت أرحم بي أن يمسني الضر، أو قاله استقالة من ذنبه ورغباً إلى ربه، أو شكا ضره استعطافاً لرحمته وكشف بلائه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏84‏]‏

‏{‏فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ‏(‏84‏)‏‏}‏

‏{‏أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم‏}‏ رد إليه أهله الذين أهلكهم بأعيانهم وأعطاه مثلهم معهم قاله ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، أو كان له سبع بنين وسبع بنات فماتوا في بلائه، فلما كُشف بلاؤه رُد عليه بنوه وبناته، وولد له بعد ذلك مثلهم، قال الحسن رضي الله تعالى عنه ماتوا قبل آجالهم فأحياهم الله تعالى فوفاهم آجالهم وأبقاه حتى أعطاه من نسلهم مثلهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏85‏]‏

‏{‏وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ ‏(‏85‏)‏‏}‏

‏{‏وَذَا الْكِفْلِ‏}‏ عبد صالح كَفَل لليسع بصوم النهار وقيام الليل وأن لا يغضب ويقضي بالحق فوفى بذلك، أو كان نبياً كفل بأمر فوفى به «ح» سُمي ذا الكفل لوفائه بما كفل به، أو لغير سبب، أو لأن ثوابه ضعف ثواب غيره من أهل زمانه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏87‏]‏

‏{‏وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ‏(‏87‏)‏‏}‏

‏{‏النُّونِ‏}‏ الحوت ‏{‏مُغَاضِباً‏}‏ مراغماً للملك حزقيا ولم يكن به بأس، أو لقومه، أو لربه من غير مراغمة لانها كفر، بل مغاضبته خروجه بغير إذنه‏.‏ وذهب لأن خلقه كان ضيقاً فلما أثقلته أعباء النبوة ضاق بهم فلم يصبر، أو كان من عادة قومه قتبل الكاذب فلما أخبرهم بنزول العذاب ثم رفعه الله تعالى عنهم قال‏:‏ لا أرجع إليهم كاذباً وخاف القتل فخرج هارباً ‏{‏فَظَنَّ أَن لَّن ‏[‏نَّقْدِرَ‏]‏‏}‏ نضيق ‏{‏عَلَيْهِ‏}‏ طرقه «ع» ‏{‏وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ‏}‏ ‏[‏الطلاق‏:‏ 7‏]‏ ضُيق، أو ظن أن لن نحكم عليه بما حكمنا، أو ظن أن لن نُقَدِّر عليه من العقوبة ما قدرنا من القدر وهو الحكم دون القدرة، ولذلك قرأ ابن عباس رضي الله تعالى عنهما «نُقدِر عليه»، أو تقديره أفظن أن لن نقدر عليه، ولا يجوز أن يحمل على ظن العجز لأنه كفر‏.‏ ‏{‏الظُّلُمَاتِ‏}‏ ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة الحوت «ع»، أو الحوت في بطن الحوت ‏{‏مِنَ الظَّالِمِينَ‏}‏ لنفسي بخروجي بغير إذنك ولم يكن ذلك عقوبة له لأن الأنبياء لا يعاقبون بل كان تأديباً وقد يؤدب من لا يستحق العقاب كالصبيان‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏88‏]‏

‏{‏فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ‏(‏88‏)‏‏}‏

‏{‏فَاسْتَجَبْنَا‏}‏ إجابة الدعاء ثواب من الله تعالى للداعي ولا تجوز أن تكون غير ثواب، أو هي استصلاح قد يكون ثواباً وقد يكون غير ثواب أوحى الله تعالى إلى الحوت لا تكسري له عظماً ولا تخدشي له جلداً فلما صار في بطنها قال‏:‏ يا رب اتخذت لي مسجداً في موضع ما اتخذه أحد، ولبث في بطنه أربعين يوماً، أو ثلاثة أيام، أو من ارتفاع النهار إلى آخره، أو أربع ساعات، ثم فتح الحوت فاه فرأى يونس ضوء الشمس، فقال‏:‏ ‏{‏سُبْحَانَكَ إِنِّى كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ‏}‏ فلفظه الحوت‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏89‏]‏

‏{‏وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ‏(‏89‏)‏‏}‏

‏{‏فَرْداً‏}‏ خلياً من عصمتك، أو عادلاً عن طاعتك، أو وحيداً بغير ولد عند الجمهور‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏90‏]‏

‏{‏فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ‏(‏90‏)‏‏}‏

‏{‏وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ‏}‏ كانت عاقراً فصارت ولوداً فولدت له وهو ابن اثنتين وسبعين سنة وهي قريبة من سنه، أو كان في لسانها طول فَحَسَّنا خلقها ‏{‏يُسَارِعُونَ‏}‏ يبادرون بالأعمال الصالحة، ‏{‏رَغَباً‏}‏ في ثوابنا ‏{‏وَرَهَباً‏}‏ من عقابنا أو رغباً في الطاعات ورهباً من المعاصي، أو رهباً بظهور الأكف ورغباً ببطونها، أو طمعاً وخوفاً ‏{‏خَاشِعِينَ‏}‏ متواضعين، أو راغبين راهبين، أو وضع اليمنى على اليسرى والنظر إلى موضع السجود في الصلاة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏91‏]‏

‏{‏وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ ‏(‏91‏)‏‏}‏

‏{‏أحْصَنَتْ فَرْجَهَا‏}‏ بالعفاف من الفاحشة، أو جيب درعها منعت منه جبريل عليه السلام قبل أن تعلم أنه رسول الله ‏{‏مِن رُّوحِنَا‏}‏ أجرينا فيها روح المسيح عليه الصلاة والسلام كما يجري الهواء بالنفخ، أو أمر جبريل عليه السلام فمد جيب درعها بإصبعه ثم نفخ فيه فحبلت من وقتها وولدته يوم عاشوراء ‏{‏ءَايَةً‏}‏ خلقه من غير ذكر، وكلامه ببراءتها‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏92‏]‏

‏{‏إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ‏(‏92‏)‏‏}‏

‏{‏أُمَّتُكُمْ‏}‏ دينكم دين واحد‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏93‏]‏

‏{‏وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ ‏(‏93‏)‏‏}‏

‏{‏وَتَقَطَّعُواْ‏}‏ اختلفوا في الدين، أو تفرقوا فيه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏95‏]‏

‏{‏وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ‏(‏95‏)‏‏}‏

‏{‏وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ‏}‏ وجدناها هالكة بالذنوب ‏{‏أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ‏}‏ إلى التوبة، أو أهلكناها بالعذاب ‏{‏أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ‏}‏ إلى الدنيا «‏{‏وحِرْمٌ‏}‏ وجب على قرية» ‏{‏أَهْلَكْنَاهَآ‏}‏ أنهم لم يكونوا ليؤمنوا‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏96‏]‏

‏{‏حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ‏(‏96‏)‏‏}‏

‏{‏فُتِحَتْ‏}‏ فُتح لها السد، ويأجوج ومأجوج‏:‏ أخوان لأب من ولد يافث بن نوح، من أجة النار، أو من الماء الأجاج ‏{‏حَدَبٍ‏}‏ الفجاج والطرق أو الجوانب، أو التلاع والآكام من حَدَبة الظهر ‏{‏يَنسِلُونَ‏}‏ يخرجون

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ ***‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ من ثيابك تَنْسُلي

أو يسرعون وهم يأجوج ومأجوج أو الناس يحشرون إلى الموقف‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏98‏]‏

‏{‏إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ ‏(‏98‏)‏‏}‏

‏{‏حَصَبُ جَهَنَّمَ‏}‏ وقودها، أو حطبها، أو يرمون فيها كما ترمى الحصباء فكأنها تحصب بهم، «وحضب جهنم» بالإعجام يقال‏:‏ حضبت النار إذا خبت وألقيت فيها ما يشعلها من الحطب‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏101‏]‏

‏{‏إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ‏(‏101‏)‏‏}‏

‏{‏الْحُسْنَى‏}‏ طاعة الله تعالى أو السعادة منه، أو الجنة، يريد به عيسى والعُزير والملائكة الذين عُبدوا وهم كارهون، أو عثمان وطلحة والزبير، أو عامة في كل من سبقت له الحسنى، لما نزلت ‏{‏إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ‏}‏ الآية قال المشركون‏:‏ إن المسيح والعُزير والملائكة قد عُبدوا فنزلت ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ‏}‏ الآية‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏103‏]‏

‏{‏لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ‏(‏103‏)‏‏}‏

‏{‏الْفَزَعُ الأَكْبَرُ‏}‏ النفخة الأخيرة «ح» أو ذبح الموت، أو حين تطبق جهنم على أهلها‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏104‏]‏

‏{‏يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ‏(‏104‏)‏‏}‏

‏{‏السِّجِلِّ‏}‏ الصحيفة تُطوى على ما فيها من الكتابة، أو ملك يكتب أعمال العباد، أو اسم رجل كان يكتب للرسول صلى الله عليه وسلم «ع»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏105‏]‏

‏{‏وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ‏(‏105‏)‏‏}‏

‏{‏الزَّبُورِ‏}‏ الكتب المنزلة على الأنبياء صلوات الله تعالى عليهم وسلامه والذكر‏:‏ الكتاب الذي في السماء، أو الزبور الكتب المنزلة بعد التوراة «والذكر التوارة» ع «، أو زبور داود عليه الصلاة والسلام، والذكر‏:‏ التوراة» ‏{‏الأَرْضَ‏}‏ أرض الجنة ‏{‏يَرِثُهَا‏}‏ أهل الطاعة، أو أرض الشام يرثها بنو إسرائيل، أو أرض الدنيا يرثها أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالفتوح «ع»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏106‏]‏

‏{‏إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ ‏(‏106‏)‏‏}‏

‏{‏إِنَّ فِى هَذَا‏}‏ القرآن أو السورة ‏{‏لَبَلاغاً‏}‏ إليهم يكفهم عن المعصية ويبعثهم على الطاعة أو يبلغهم إلى رضوان الله تعالى وثوابه‏.‏ ‏{‏عَابِدِينَ‏}‏ مطيعين، أو عاملين‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏107‏]‏

‏{‏وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ‏(‏107‏)‏‏}‏

‏{‏رَحْمَةً‏}‏ هداية ‏{‏لِّلْعَالَمِينَ‏}‏ المؤمنين، أو رفعاً لعذاب الاستئصال عن كافة الخلق‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏109‏]‏

‏{‏فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آَذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ ‏(‏109‏)‏‏}‏

‏{‏تَوَلَّوْاْ‏}‏ أعرضوا عنك، أو عن القرآن ‏{‏ءَاذَنتُكُمْ عَلَى سَوَآءٍ‏}‏ أمر سوي، أو مهل، أو عدل، أو بيان علانية غير سر، أو على سواء في الإعلام فلا يظهر لبعضهم ما كتمه عن بعض، أو لتستووا في الإيمان به، أو من كفر به فهم سواء في قتالهم وجهادهم «ح»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏111‏]‏

‏{‏وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ‏(‏111‏)‏‏}‏

‏{‏لَعَلَّهُ‏}‏ رفع الاستئصال، أو تأخير العذاب‏.‏ ‏{‏فِتْنَةٌ‏}‏ هلاك، أو ابتلاء، أو اختبار ‏{‏إِلَى حِينٍ‏}‏ القيامة، أو الموت، أو أن يأتي قضاء الله تعالى فيهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏112‏]‏

‏{‏قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ‏(‏112‏)‏‏}‏

‏{‏احْكُم بِالْحَقِّ‏}‏ عجل الحكم بالحق، أو افصل بيننا وبين المشركين بما يظهر به الحق للجميع ‏{‏تَصِفُونَ‏}‏ تكذبوبن، أو تكتمون، كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا شهد قتالاً قرأ هذه الآية‏.‏

‏[‏سورة الحج‏]‏

تفسير الآية رقم ‏[‏1‏]‏

‏{‏يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ‏(‏1‏)‏‏}‏

‏{‏زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ‏}‏ زلزلة من أشراط الساعة تكون في الدنيا أو نفخة البعث أو عند القضاء بين الخلق‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏2‏]‏

‏{‏يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ‏(‏2‏)‏‏}‏

‏{‏تَذْهَلُ‏}‏ تسلو كل والدة عن ولدها، أو تشتغل، أو تلهى أو تنساه‏.‏

‏{‏سُكَارَى‏}‏ من الخوف ‏{‏وَمَا هُم بِسُكَارَى‏}‏ من الشرب‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏3‏]‏

‏{‏وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ ‏(‏3‏)‏‏}‏

‏{‏يُجَادِلُ‏}‏ يرد النص بالقياس أو يخاصم في الدين بالهوى، نزلت في النضر بن الحارث «ع»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏5‏]‏

‏{‏يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ‏(‏5‏)‏‏}‏

‏{‏مِّن تُرَابٍ‏}‏ يريد آدم ‏{‏ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ‏}‏ يريد ذريته فتصير النطفة علقة ثم تصير العلقة مضغة بقدر ما يمضغ من اللحم ‏{‏مُّخَلَّقَةٍ‏}‏ صارت خلقاً ‏{‏وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ‏}‏ دفعتها الأرحام فلم تصر خلقاً، أو تامة الخلق وغير تامة أو مصورة وغير مصورة، أو لتمام شهوره وغير تمام ‏{‏لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ‏}‏ في القرآن بدو خلقكم وتنقل أحوالكم ‏{‏يُتَوَفَّى‏}‏ قبل الأشد، أو قبل أرذل العمر، ‏{‏أَرْذَلِ الْعُمُرِ‏}‏ الهرم، أو حالة ضعف كحال خروجه من بطن أمه، أو ذهاب العقل ‏{‏لِكَيْلا يَعْلَمَ‏}‏ شيئاً وينسى ما كان يعلمه، أو لا يعقل بعد عقله الاول شيئاَ‏.‏ ‏{‏هَامِدَةً‏}‏ غبراء متهشمة، أو يابسة لا تنبت شيئاً، أو دراسة والهمود‏:‏ الدروس ‏{‏اهْتَزَّتْ‏}‏ استبشرت، أو اهتز نباتها لشدة حركته ‏{‏وَرَبَتْ‏}‏ أضعف نباتها، أو انتفخت لظهور نباتها على التقديم والتأخير ربت واهتزت‏.‏ ‏{‏زَوْجٍ‏}‏ نوع، أو لون أصفر وأحمر وأخضر وغير ذلك ‏{‏بَهيجٍ‏}‏ حسن الصورة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏9‏]‏

‏{‏ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ ‏(‏9‏)‏‏}‏

‏{‏ثَانِىَ عِطْفِهِ‏}‏ لاوي عنقه إعراضاً عن الله ورسوله، «أو عادلاً جانبه» كبراً عن الإجابة «ع» والعِطف الجانب، ومنه نظر في أعطافه، نزلت في النضر بن الحارث‏.‏ ‏{‏لِيُضِلَّ‏}‏ بتكذيبه الرسول صلى الله عليه وسلم «واعتراضه على القرآن»، أو كان إذا رأى راغباً في الإسلام أحضره «طعامه وشرابه وغناء قينة له» وقال هذا خير لك مما يدعوكَ إليه محمد صلى الله عليه وسلم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏11‏]‏

‏{‏وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ‏(‏11‏)‏‏}‏

‏{‏حَرْفٍ‏}‏ ميل، أو متحرفاً بين الإيمان والكفر، أو على ضعف في العبادة كقائم على حرف، نزلت في المنافق يعبد الله تعالى بلسانه ويعصيه بقبله «ح»، أو في ناس من القبائل وفيمن حول المدينة كانوا يقولون نأتي محمد فإن صادفنا عنده خيراً اتبعناه وإلا لحقنا بأهالينا ‏{‏الْخُسْرَانُ‏}‏ لذهاب الدنيا والآخرة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏13‏]‏

‏{‏يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ‏(‏13‏)‏‏}‏

‏{‏لَبِئْسَ الْمَوْلَى‏}‏ الناصر والعشير المخالط، أو المولى‏:‏ المعبود والعشير‏:‏ الخليط والزوج لمخالطته من المعاشرة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏15‏]‏

‏{‏مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ‏(‏15‏)‏‏}‏

‏{‏يَنصُرَهُ‏}‏ من ظن أن الله تعالى لا ينصر محمداً صلى الله عليه وسلم على أعدائه في الدنيا بالغلبة وفي الآخرة بظهور الحجة ‏{‏فَلْيَمْدُدْ‏}‏ بحبل إلى سماء الدنيا ‏{‏لْيَقْطَعْ‏}‏ عنه الوحي ثم لينظر هل يُذهب هذا الكيد منه ما يعطيه من نزول الوحي، أو ينصره الله تعالى يرزقه والنصر‏:‏ الرزق، أو أن لن يمطر الله تعالى أرضه، يقال للأرض الممطورة منصورة ‏{‏فَلْيَمْدُدْ‏}‏ بحبل إلى سقف بيته، ثم ليختنق به فلينظر هل يذهب ما يغطيه من أن الله تعالى لا يرزقه‏.‏